القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير logo (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.
shape
تفسير سورة الكهف
45211 مشاهدة print word pdf
line-top
بيان سبب إقامة الجدار

ثم قال: وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ هكذا اعتذر عن إصلاح الجدار، أنه كان لغلامين في المدينة؛ يعني: في تلك القرية التي مروا بأهلها فلم يضيفوهم. فيها غلامان وكأنهما يتامى، وكأنهما ممن وثق بأن الله أصلحهما. غلامين يتيمين في المدينة فاقدين لأبيهما، أو لأبويهم، واليتيم محل الشفقة، والرحمة، والرقة فرفق بهما الخضر وأصلح جدارهما؛ لئلا ينهدم، فيذهب ما تحته من الكنز. لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا هذا الكنز: لم يذكر ما فيه، يمكن أنه: ذخيرة من المال، ورثاه من أبيهما، وجعلاه تحت أو في ذلك الجدار، أو في ذلك المنزل يحفظ لهما، ولو سقط الجدار لعجزا عن إقامته؛ لضعفهما، ولو سقط أيضا لبرز ذلك الكسب، ذلك الكنز، ورآه المارة، ورآه الناس؛ فكان سببا في أن يذهب، يُنتهب، أو يُسرق، أو يُختلس، أو يَضيع عليهما؛ فإذا بلغا أشدهما، لم يكن عندهما ما يتقوتان به فرفق بهما الخضر وأقام، وأصلح الجدار لهما، يقول: فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ .
وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا أخبره، أو أعلمه الله تعالى بأن آباهما صالحا، وصلاح الآباء يدرك الأبناء ؛ فلما كان أبوهما صالحا أصلحهما الله تعالى بصلاح أبيهما، مع أن الأب قد مات، وتركهما وهما طفلين، والدليل أنهما يتامى: لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ واليتيم يزول عنه وصف اليتم بالاحتلام، إذا احتلم وبلغ فلا يسمى يتيما، يقول في الحديث: لا يُتْم بعد احتلام فدل على أن آباهما صالح تقي، وأنه توفي وهما صغيران، وأن الله تعالى حفظهما وأصلحهما، وأن هذا الكنز سبب لأن يستغنيا به عند حاجتهما؛ فلذلك قال: فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا يعني: يكبرا، ويبلغا الأشد، ويستخرجا كنزهما؛ فينفقانه في صالحهما، ويتصرفان فيه، سواء كان ذلك الكنز من الذهب أو من الفضة، أو من النقود الأخرى، أو من الفلوس، أو من الأمتعة، أو من الأثاث، أو من الأطعمة، ذكر بعض المفسرين أن ذلك الكنز كان لوحا. قيل: إنه لوح من فضة، أو لوح من ذهب، وأنه مكتوب فيه نصائح ومواعظ، وإن كان ذلك تخرصا، لا دليل عليه، يقول: فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ .
ثم يقول: وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي أي: ما فعلته إلا بأمر من الله تعالى، ووحي منه.

line-bottom