الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه logo شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه
shape
تفسير سورة الكهف
45155 مشاهدة print word pdf
line-top
بيان سبب إقامة الجدار

ثم قال: وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ هكذا اعتذر عن إصلاح الجدار، أنه كان لغلامين في المدينة؛ يعني: في تلك القرية التي مروا بأهلها فلم يضيفوهم. فيها غلامان وكأنهما يتامى، وكأنهما ممن وثق بأن الله أصلحهما. غلامين يتيمين في المدينة فاقدين لأبيهما، أو لأبويهم، واليتيم محل الشفقة، والرحمة، والرقة فرفق بهما الخضر وأصلح جدارهما؛ لئلا ينهدم، فيذهب ما تحته من الكنز. لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا هذا الكنز: لم يذكر ما فيه، يمكن أنه: ذخيرة من المال، ورثاه من أبيهما، وجعلاه تحت أو في ذلك الجدار، أو في ذلك المنزل يحفظ لهما، ولو سقط الجدار لعجزا عن إقامته؛ لضعفهما، ولو سقط أيضا لبرز ذلك الكسب، ذلك الكنز، ورآه المارة، ورآه الناس؛ فكان سببا في أن يذهب، يُنتهب، أو يُسرق، أو يُختلس، أو يَضيع عليهما؛ فإذا بلغا أشدهما، لم يكن عندهما ما يتقوتان به فرفق بهما الخضر وأقام، وأصلح الجدار لهما، يقول: فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ .
وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا أخبره، أو أعلمه الله تعالى بأن آباهما صالحا، وصلاح الآباء يدرك الأبناء ؛ فلما كان أبوهما صالحا أصلحهما الله تعالى بصلاح أبيهما، مع أن الأب قد مات، وتركهما وهما طفلين، والدليل أنهما يتامى: لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ واليتيم يزول عنه وصف اليتم بالاحتلام، إذا احتلم وبلغ فلا يسمى يتيما، يقول في الحديث: لا يُتْم بعد احتلام فدل على أن آباهما صالح تقي، وأنه توفي وهما صغيران، وأن الله تعالى حفظهما وأصلحهما، وأن هذا الكنز سبب لأن يستغنيا به عند حاجتهما؛ فلذلك قال: فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا يعني: يكبرا، ويبلغا الأشد، ويستخرجا كنزهما؛ فينفقانه في صالحهما، ويتصرفان فيه، سواء كان ذلك الكنز من الذهب أو من الفضة، أو من النقود الأخرى، أو من الفلوس، أو من الأمتعة، أو من الأثاث، أو من الأطعمة، ذكر بعض المفسرين أن ذلك الكنز كان لوحا. قيل: إنه لوح من فضة، أو لوح من ذهب، وأنه مكتوب فيه نصائح ومواعظ، وإن كان ذلك تخرصا، لا دليل عليه، يقول: فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ .
ثم يقول: وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي أي: ما فعلته إلا بأمر من الله تعالى، ووحي منه.

line-bottom